إعلان 13

إعلان 13

الجمعة، 8 يوليو 2016

إحسان محمد بن حميد الطويسي إلى عدوه

حكي عن محمد بن حميد الطويسي أنه كان يومًا على غذائه وإذا بضجة عظيمة على الباب، فرفع رأسه، وقال لغلمانه: ما هذه الضجة؟! من كان عند الباب فليدخل؟ فخرج الغلام وعاد، وقال: يا مولاي، إن فلانًا أخذ وجيء به موثقًا بالحديد، والغلمان والشرط
ينتظرون أمرك فيه. فرفع يده عن الطعام سرورًا بأخذه، فقال رجل ممن حضر عنده: الحمد لله الذي أمكنك من عدوك، فسبب لك أن تسقي الأرض من دمه! وقال آخر: بل يصلب حيٍّا ويعذب حتى يموت! وتكلم كل أحد بما وفق له، وهو ساكت مطرق، ثم
رفع رأسه، وقال: يا غلام، فك عنه وثاقه، وادخله إلينا مكرمًا! فلم يكن بأسرعَ مما امتثل أمره وأدخل إليه رجلًا لا دم فيه، فلما رآه هش له، ورفع مجلسه، وأمر بتجديد الطعام، وجعل يبسطه ويملقه، حتى انتهى الطعام، ثم أمر له بكسوة حسنة، وصلة جميلة، وأمر برده إلى أهله مكرمًا، ولم يعاتبه بحرف واحد على جفائه، ثم التفت إلى جلسائه، وقال لهم: إن أفضل الأصحاب من حضَّ الصاحب على المكارم، ونهاه عن ارتكاب المآثم، وحسن له أن يجازي الإحسان بضعفه، والإساءه عمن أساء إليه بصفحه، إنا إذا جازينا من أساء إلينا بمثل ما أساء فأين موضع الشكر عما أتيح من الظفر؟! إنه ينبغى لمن يحضر مجالس الملوك أن يمسك إلا عن قول سديد وأمر رشيد؛ فإن ذلك أدوم للنعمة، وأجمع للألفة، إن لله تعالى يقول:  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا للهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (الأحزاب: ٧٠)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق