قال يزيد بن هارون: تقلد القضاء بواسط رجل ثقة، كثير الحديث؛ فجاء رجل فاستودعه، وبعض الشهود كيسًا مختومًا، ذكر أن فيه ألف دينار، فلما حصل الكيس عند الشاهد وطالت غيبة الرجل قدر أنه قد هلك، فهم بإنفاق المال وفتق الكيس من أسفله وأخذ الدنانير، وجعل مكانها دراهم، وأعاد الخياطة كما كانت، وقُدر أن الرجل وافى وطلب الشاهد بوديعته، فأعطاه الكيس بختمه، فلما حصل في منزله فض ختمه؛ فصادف في الكيس دراهم، فرجع إلى الشاهد، فقال له: عافاك لله، اردد علي مالي؛ فإني استودعتك دنانير، والذي وجدت دراهم مكانها! فأنكر ذلك واستعدى عليه القاضي المتقدم ذكره، فأمر بإحضار الشاهد مع خصمه، فلما حضرا سأل الحاكم: منذ كم أودعته هذا الكيس؟ قال: منذ خمس عشرة سنة. فأخذ القاضي الدراهم، وقرأ سككها، فإذا هي دراهم منها ما قدضرب منذ سنتين أو ثلاث ونحوها، فأمره أن يدفع الدنانير إليه؛ فدفعها إليه، وأسقطه، وقال له: يا خائن، ونادى مناديه: ألا إن فلان ابن فلان القاضي قد أسقط فلان ابن فلان الشاهد فاعلموا ذلك، ولا يغتر به أحد بعد اليوم، فباع الشاهد أملاكه بواسط، وخرج عنها هربًا، فلم يعلم له خبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق