إعلان 13

إعلان 13

الجمعة، 8 يوليو 2016

الشعبي والأعربيان والعلم

 قال الشعبى: العلم ثلاثة أشبار، من نال منه شبرًا شمخ بأنفه وظن أنه ناله، ومن نال الشبر الثاني صغرت إليه نفسه وعلم أنه لم ينله، وأما من نال الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحد أبدًا، ومما أنذرك به في حالي أني صنعت في البيوع كتابًا، جمعت فيه ما استطعت من كتب الناس، وأجهدت فيه نفسي، وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل، وكدت أعجب به، وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعًا بعلمه، حضرني وأنا في مجلس أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لواحدة منها جوابًا، فأطرقت وبحالي وحالها معتبرًا، فقالا: ما عندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟! فقلت: لا. فقالا: واهًا لك! وانصرفا، ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي، فسألاه فأجابهما مسرعًا بما أقنعهما، وانصرفا
عنه راضيين بجوابه حامدين العلم، فبقيت مرتبكًا وبأمري معتبرًا، وإني لعلى ما كنت عليه من المسائل إلى وقتي هذا، فكان ذلك زاجرَ نصيحةٍ ونذيرَ عظةٍ، تذلل بها قياد النفس، وانخفض لها جناح العجب توفيقًا منحته ورشدًا أوتيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق